من معوقات الدعوة: إعراض الناس عنها
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طريق الدعوة طريق واضحة المعالم مستقيمة الوجهة، إلا أنه يتخللها العديد من العقبات التي تعترض كل سالك فيه، فتعوقه وتثبطه وتوهن من عزيمته، وتنقص من جهده وإنتاجه لدعوته، وربما أقعدته عن السير في طريق الدعوة والجهاد، فصار كغيره من الناس ممن لا أثر له ولا تأثير[1].
ومن هذه العقبات:
أن الداعية قد يلقى الإعراض من الناس والانصراف عن دعوته، وقد يطول الابتلاء والأذى، وقد يمتد زمن الجهاد والقتال، فيصيب اليأس والإحباط قلوب بعض الدعاة، وتهن عزائمهم لتأخر النصر، ويغفلون عن قوله تعالى ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾[2]، وقوله ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ ﴾[3].
فالواجب على من سلك طريق الدعوة أن يصبر ويصابر ويوطن نفسه على وعورة الطريق، مهما أعرض الناس وانصرفوا عن دعوته، ومهما تعرض له من بلاء ومحن، وله في رسول الله صلى الله عليه وسلم خير قدوة، فهو المثل الأعلى للدعاة[4]، وقد قطع سنينا طويلة للدعوة إلى الإسلام، قبل أن يمن الله عليه بالفتح، وتحمل مشاق عظيمة لتبليغ رسالة ربه، ولم يصبه يأس أو قنوط، بل كان صلى الله عليه وسلم دائم التفاؤل، وحسن الظن بربه، فقال لمن أبلغه نبأ عدوان قريش، وخرقها لعهد الحديبية: (( نصرت يا عمرو بن سالم))، ومرت به سحابة في السماء، فقال متفائلاً: ((إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب))[5].
ولما دانت له مكة، رفع صوته بحمد الله وأرجع الفضل كله لله ونصره وتأييده، فقال: ((لا إله إلا الله وحده، نصر عبده وهزم الأحزاب وحده))[6].
الالوكة
--------------------------------------------------------------------------------
[1] بتصرف، طريق الدعوة: مصطفى مشهور ص 52.
[2] سورة البقرة آية 214.
[3] سورة الروم آية 60.
[4] بتصرف، طريق الدعوة: مصطفى مشهور ص 53.
[5] سبق تخريجه ص 101.
[6] سبق تخريجه ص 141.[/size]