تأويل الرؤى والحذر من التوسع فيها لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
من عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ إلى من يراه من إخوانه المسلمين وفقنا الله وإياهم لكل خير .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . . . أما بعد :
فإنه وَرَدَنَا جملة من الأسئلة والاستفسارات حول موضوع الرُّؤَى وتعبيرها ، وما طرأ في الأزمان الأخيرة من التوسع في ذلك ، حتى خُصّص لها زوايا في الصحف والمجلات ، وأيضا برامج في القنوات الفضائية ، وكذلك استخدمها أصحاب المنتزهات والمنتجعات الترفيهية وسيلة للجذب وكسب الأموال ، ثم قامت بعض الشركات بتخصيص رقم هاتفي على مدار الساعة لاستقبال مكالمات الناس وتفسير رؤاهم .
ولما كان الأمر كذلك رأينا أن نبين للناس ما نعتقده ، نصحًا لله ولكتابه ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم ، وأداء لواجب البيان الذي أخذ الله الميثاق به على أهل العلم .
فنقول وبالله نستعين : إن المؤمن يعلم أن الرؤى حق وأنها من عند الله وأنها جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة وأنها من المبشرات ، وكل هذا صحيح جاءت النصوص الصحيحة مصرحة به ، فمن ذلك ما جاء في القرآن من بيان لبعض رؤى الأنبياء وما كان من تفسيرها وتأويلها ، وكذلك رؤيا غيرهم وما كان من تفسيرها .
فأما رؤيا الأنبياء فإنها حق ووحي ، ومن ذلك قول إبراهيم الخليل - عليه السلام - لابنه : .
ومن ذلك رؤيا يوسف عليه السلام حيث قال فيما قص الله سبحانه لنا من خبره : وجاء تأويلها في آخر السورة عند قوله تعالى : .
وأما غير الأنبياء فقد جاء في كتاب الله العزيز في سورة يوسف عليه السلام ، رؤيا السجينين وتأويل يوسف عليه السلام لرؤيا كل منهما ، وكذلك رؤيا الملك وتأويل يوسف عليه السلام لها .
وأما أدلة الرؤيا من السنة الصحيحة ، فمنها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ .
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ ، أَلا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا ، أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا . الحديث أخرجه مسلم .
فثبت بهذا أن الرؤى حق ، لكن ينبغي أن يعلم أنه ليس كل ما يراه النائم هو من الرؤى الحق ، بل ما يعرض للنائم في منامه ، منه ما هو من الرؤى ، ومنه ما هو من تهويل الشيطان وتلاعبه بابن آدم ليحزنه ، ومنه ما يحدث به المرء نفسه يقظة فيراه مناما ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب ، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءا من النبوة ، والرؤيا ثلاثة : فرؤيا الصالحة بشرى من الله ، ورؤيا تحزين من الشيطان ، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه ، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس . . . الحديث أخرجه مسلم .
إذا تبين هذا فإن ديننا الإسلام قد جاء بما فيه صلاح وخير البشر