آيات العزة في معركة غزة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
اليهود[ ] ...هذه الجبلة النكدة الشريرة، التي ينغل الحقد في صدورها على الإسلام وعلى نبي الإسلام، فقد حذر الله نبيه وأهل دينه منها.. وعبر التاريخ لم يغلب هذه الجبلة النكدة الشريرة إلا الإسلام وأهله يوم أن كانوا أهله! ولن يُخلّص العالم من هذه الجبلة النكدة إلا الإسلام يوم يفيء أهلُه إليه..
ومصداقُ ذلك (غزة) هذه الفئة المؤمنة؛ الفئة القليلة المختارة، والفئة ذات الموازين الربانية والتي قيضها الله لنا كدليل على أن النية الكامنة وحدها لا تكفي؛ ولا بد من التجربة العملية، ومواجهة واقع الطريق المحتم لمعركة تحرير الأقصى، وكدليل كذلك على صلابة عود هذه الفئة المختارة التي لم يهزها تخلف العرب -من جنده- عند تجربة التحاكِّ الأولى مع اليهود والصليبين المندسين بينهم.. بل مضت في طريقها.
لقد قاتلوا في هذه المعركة وهم قلة وهم يعلمون قوة عدوهم وكثرته: بقيادة أمريكا. لكنهم مؤمنون لم ينكصوا عن عهدهم مع نبيهم. ورغم أنهم صدموا في أول المعركة من تخاذل العرب عنهم وأمام الواقع الذي يرونه بأعينهم فيحسون أنهم أضعف من مواجهته، حينئذ أبهرونا بالتجربة الحاسمة؛ تجربة الاعتزاز بقوة أخرى أكبر من قوة الواقع المنظور. وهذه لا يصمد لها إلا من اكتمل إيمانهم، فاتصلت بالله قلوبهم؛ وأصبحت لهم موازين جديدة يستمدونها من واقع إيمانهم، غير الموازين التي يستمدها الناس من واقع حالهم!
تلك الموازين التي ورثوها من أسلافهم: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:249]. هذه هي القاعدة: أن تكون الفئة المؤمنة قليلة لأنها هي التي ترتقي الدرج الشاق حتى تنتهي إلى مرتبة الاصطفاء والاختيار. ولكنها تكون الغالبة لأنها تتصل بمصدر القوى؛ ولأنها تمثل القوة الغالبة؛ قوة الله الغالب على أمره، القاهر فوق عباده، محطم الجبارين، ومخزي الظالمين وقاهر المتكبرين... حيث وكلوا فيها هذا النصر لله: {بِإِذْنِ اللَّهِ}.. وعللوه بعلته الحقيقية: {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.. فدلوا بهذا كله على أنهم المختارون من الله لأول معركة بين المؤمنين حقًا واليهود..
وحين نقرأ المعركة القسامية الصهيونية بهذا الوعي سنجد عنده ما نريد. وسنجد فيه عجائب لا تخطر على البال الساهي! سنجد الكلمات والعبارات والتوجيهات الحية النابضة والتي تشير إلى معالم الطريق لتحرير الأقصى؛ معالم تقول لنا: هذا فافعلوه وهذا لا تفعلوه. وتقول لنا: هذا عدو لكم وهذا صديق. وتقول لنا: كذا فاتخذوا من الحيطة وكذا فاتخذوا من العدة. وتقول لنا حديثًا طويلًا مفصلًا دقيقًا في كل ما يعرض لنا من شؤون التحرير.. وحينئذٍ سندرك معنى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:24].