الدم و الدموع المسرحية الشعرية
الدم والدموع
أصوات طلقات نارية ، دوي انفجارات ، ثم يدخل الخشبة أربعة أطفال ، ثيابهم بالية ، يبدو عليهم الإعياء .
الأول : " أسرعوا .. أسرعوا يا رفاق ..
لنتوارى في هذا الزقاق ..
واحذروا الضياع أوالإفتراق ".
الثاني : " يبدو مكانا صالحا للإختباء ..
على الأقل ..
ريثما يخفت دوي الطلقات ..
ويسكن عنفوان الغارات ".
الثالث : " ولكن إلى متى هذا الهروب ؟
إلى متى هذا الإنسلال..
بين الأزقة والدروب ؟
والجبن عن التصدي للخطوب ؟
لا بد لنا من التفكير ..
بسبيل لمواجهة عدوان الحروب ..
لا مناص عن المواجهة لا مناص ..
لامناص عن تحدي الرصاص ".
الرابع :" أهذا وقت التفكير ؟
أهذا أوان تحديد المصير ؟
دعونا أولا نستريح ..
قبل مواصلة المسير ".
الأول :" الحق ما تقول .. اجلسوا لنستريح ..
وحتى أعاين ساعدي الجريح ..
بعدها سيكون بالإمكان التصرف الصحيح ".
يسرع إليه الثاني والرابع .. يجلسانه .. يكشفان عن ساعده ..
الثاني :" ما الأمر ؟ ".
الرابع :" بم تشعر ؟ ".
الأول :" لا تخشيا علي الضرر ..
فمع المعاناة .. بلغت كل هذا العمر ..
مواجها للخطر .. وتصاريف القدر ".
الثالث :" أخطار .. آلام .. معاناة ..
مدافع .. قنابل .. دبابات ..
جرحى .. قتلى .. أموات ..
تبا .. لقد سئمت هذه الحياة ".
الأول :" لا تنس أن الحياة ليست مجرد هم وغم ..
جور و ظلم .. حروب و فتن ".
الثالث :" بل هي كذلك .. ألا ترى حالنا .. وما نحن فيه ؟
أم تراك تخال كل هذا نوعا من الترفيه ؟ ".
الأول :" كلا .. ولكن هذه هي الحياة ..
البعض تجري الأموال بين يديه بلا قياس ..
لاهيا .. يشعل السيجار بأوراق الدولار ..
يزوج كلبه .. فيقيم الولائم والأعراس ".
الثاني :" بينما يعيش غيره فقيرا ..
معدما ..غداؤه خبز يابس ..
يلتحف السماء ..
وله من حصى الأرض الفراش ..
يأبى الإستجداء ..
دوما مرفوع الراس ..
وهذه أحوال الدنيا مع الناس ".
الرابع :" دول تحيا بجبروت الإستعمار ..
تزدهي برؤية الخراب ..
تنتشي بإحداث الدمار ..
تشيد أحلامها على أنقاض البشر ".
الأول :" خراب ودمار ..
بالليل والنهار ..
وعلى مرمى من الأسماع والأبصار ".
الثاني :" هذا ما يجنيه القادة من الحروب ..
هذا ما تصطلي في لهيبه الشعوب ..
آه يا إلاهي ..
كم أتوق للتملي بروعة الشمس عند الغروب ".
الثالث :" أسلحة عجيبة .. تدك البنيان .. تهد العمران ..
قنابل رهيبة .. تدمر الحيوان .. تقتل الإنسان ..
أطفال .. نساء ..
يجابهون من الهول صنوفا وألوان ..
شباب و شيوخ ..
أسرى الدموع والخوف ".
الرابع :" إن القوة باتت الميزان الحاكم ..
والقانون الصارم ..
في عالم شرير ..
جبروته مستطير ..
يتنامى الطمع لحكمه ..
الضعيف يتسابقون على لحمه ".
الأول :" حول الذهب أو البترول ..
حول شبر أرض ..
ينقص أو يطول ..
حول أسماك البحار ..
أو ثروات السهول ..
يكيدون ويقتلون ..
يمكرون ويذبحون ".
الثاني :" عيون تحلم ..
بسماء تلونها الزرقة ..
أسر تحلم ..
ببيوت تغشاها الشمس البارقة ..
قلوب تحلم ..
بخضرة الربيع المشرقة ".
الثالث :" فلا يجدون سوى الموت ..
وأناسا في دمائها غارقة ".
الرابع :" مساكن دون مساكن ..
أطفال أيتام دون بيوت ولا قوت ..
تترصدهم مخالب الموت ..
نساء أرامل ..
شباب جرحى ..
دون معين ولا صحة ..
دون سنيد ولا راحة ".
الأول :" لايرون من العيش سوى جراحه ..
ومنجل الموت يحصد أرواحه ".
الثاني :" حينها يغدو الأمل .. ضربا من السراب ..
وعود مستقبل مظلم كذاب ".
الثالث :" يا إله السماوات الرحيم ..
كيف يحلو العيش في هذا الجحيم ؟
كيف تترعرع الضحكة ..
وتنمو ؟
كيف تتألق الروح ..
وتسمو ؟ ".
الرابع :" أيا دعاة الدم والدموع ..
واغتيال الأحلام من بين الضلوع ..
واغراق الفقراء في الجوع ..
كفى من الدمار ..
كفى من الإستعمار ..
كفى من انتهاك حريات البشر ".
الثاني :" آه .. آه .. يا ليتهم يعلمون ..
أن المعتقد العنصري والسياسي ..
لن يكون أبدا مبررا كافيا للمآسي ".
الثالث :" نناشدكم باسم كل أطفال العالم ..
كفى من توسيع الحدود ..
كفى من الوعود ..
كفى من العهود ..
كما لو أن الحياة خلود ".
الرابع :" اذا كنتم تريدون العيش في الحياة أسود ..
فلسنا نطلب سوى السلام أن يسود ".