بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
غاية السول في سيرة الرسول
لــ زين الدين عبد الباسط بن خليل بن شاهين الشينمي
.الفصل الأول: ذكر نسبه صلى الله عليه وسلم
اعلم أيدك الله تعالى وحماك وبعين كنفه وحفظه وعنايته وكلاءته رعاك أن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم أشرف الأنساب وأفخره بين الأعراب وهو منه صلى الله عليه وسلم إلى عدنان النسب المتفق عليه فلا خلاف فيه بين علماء النسب وأما من عدنان إلى آدم فقد اختلف فيه اختلافا كثيرا
ونحن نذكر النسب إلى عدنان ومنه إلى آدم عليه السلام متصلا ونتكلم على ما فيه وفي أسمائه بخلاف ما اشتهر من الكلام فنقول:
هو صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة ابن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشخب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن آزر بن ناحور بن شاروخ بن راعو بن فالج بن عيبر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ بن يرد بن مهليل بن قينن بن يانش بن شيث بن آدم عليه السلام.
واعلم أن في هذه الأسماء المذكورة ما شهر بما ذكرناه وهو في الحقيقة لقب والاسم غيره فعبد المطلب اسمه شيبة الحمد وهاشم اسمه عمرو وعبد مناف اسمه المغيرة وقصى اسمه زيد ويسمى جمعا أيضا ومدركة اسمه عامر وإلياس اسمه حسين وآزر أبو إبراهيم واسمه تارح وشالخ يقال إنه نبي الله هود عليه السلام وخنوخ هو إدريس عليه السلام وهو أول من خط بالقلم وأعطى النبوة.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تجاوزوا معد بن عدنان كذب النسابون» ففيه دليل على أن النسب إلى عدنان هو المتفق عليه.
.الفصل الثاني: ذكر أمه صلى الله عليه وسلم.
هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة هنا تجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم
ماتت في نفاسها به صلى الله عليه وسلم وقيل غير ذلك.
وذكر السهيلي في كتابه الروض الأنف أن الله تعالى أحيا له والدته ووالده فأسلما على يديه ثم ماتا.
ومن العلماء من قال إنهما ماتا في زمن الفترة وأمرهما إلى الله تعالى والأول ليس بكثير من معجزاته عليه السلام.
.الفصل الثالث: ذكر أعمامه صلى الله عليه وسلم.
كانوا تسعة في العدد، وهم:
أبو طالب: وكان اسمه عبد مناف وهو والد علي كرم الله وجهه.
والزبير: وكان يكنى بأبي طاهر.
وكانا شقيقا والده عبد الله وأبو الفضل العباس.
وحمزة أبو يعلى وهو أخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع كانت أرضعتهما أمة لأبي لهب تسمى ثويبة
والحارث.
وحجل: وكان يلقب الغيداق لكثرة ما كان يفعله من الخير.
والمقوم: وهو شقيق حمزة.
وضرار: وهو شقيق العباس.
وأبو لهب: وكان اسمه عبد العزي وهو شقيق حجل وكان يعادي النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى في حقه {تبت يدا أبي لهب}.
وهؤلاء أعمامه من الرجال صلى الله عليه وسلم.
.الفصل الرابع: ذكر عماته من النساء صلى الله عليه وسلم.
كن ستا:
أم حكيم.
وعاتكة: تزوج صلى الله عليه وسلم بابنتها أم سلمة بنت أبي أمية.
وأميمة: وتزوج أيضا بابنتها زينب بنت جحش.
وأروي.
وبرة.
وهؤلاء الخمس شقيقات أبيه.
وصفية: وهي أم الزبير بن العوام، وكانت قد أسلمت، وهي شقيقة حمزة رضي الله عنهما.
.الفصل الخامس: ذكر مولده وأحواله بمكة المشرفة صلى الله عليه وسلم.
ولد صلى الله عليه وسلم بمكة في ليلة الاثنين وثمانين ثاني عشر ربيع الأول في عام الفيل بعد قدوم أبرهة بالفيل بسبعة وخمسين يوما.
وذكر أصحاب النجامة من أهل الزيج أنه صلى الله عليه وسلم ولد ليلة الاثنين لثمان خلون من ربيع الأول بعد قدوم الفيل بخمسين ليلة ووافقت ليلة مولده اليوم الثاني والعشرين من نيسان سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة للإسكندر ذي القرنين.
وزعموا أن الطالع كان حينئذ عشرين درجة من برج الجدي وكان المشتري وزحل في ثلاث درجات من العقرب مقترنين وهي درجة وسط الشتاء وتكلموا على أحكام هذا الطالع بكلام كثير ليس هذا محلا لبيانه.
ومات أبوه صلى الله عليه وسلم وهو ببطن أمه وقيل مات وهو ابن شهرين وقيل أربعة وقيل سنة ونصفا وقيل زيادة على سنتين.
وكان شابا حين مات بلغ من السن خمسا وعشرين سنة وكان يكنى أبا أحمد.
وهو الذبيح الذي نذر عبد المطلب ذبحه ثم فداه بمائة من الإبل فكانت الدية في شرع ولده عليه السلام
ولهذا كان يقال له ابن الذبيحين.
وماتت أمه وهو ابن أربع سنين وقيل ست سنين وكانت مضت به إلى أخواله بالمدينة لتزورهم وعادت به إلى مكة فماتت بالأبواء وهي راجعة.
وكانت قد استرضعت له بعد مولده صلى الله عليه وسلم حليمة ابنة أبي ذؤيب السعدية وبقي عندها خمس سنين ورأت من بركاته شيئا كثيرا وعندها شق صدره وملىء إيمانا وحكمة.
وحضنته أم أيمن بركة الحبشية وكان قد ورثها عن أبيه فلما كبر أعتقها وزوجها.
وكفله جده عبد المطلب ومات وله من العمر مائة وعشر سنين وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنين فكفله بعده عمه أبو طالب.
وقرن به حينئذ اسرافيل إلى أن بلغ اثنتي عشرة سنة.
وخرج به عمه إلى الشام وجرت نوادر تشهد برسالته.
وقرن به جبريل تسعا وعشرين سنة.
ثم خرج إلى الشام مرة ثانية مع غلام لخديجة يقال له ميسرة ليتجر لها فكان ميسرة يقول رأيته إذا اشتد الحر نزل ملكان يظلانه ثم لما عاد من سفرته تزوج بخديجة بنت خويلد وكان سنه خمسا وعشرين سنة تزيد شيئا وكان سنها أربعين سنة.
ولما بلغ خمسا وثلاثين سنة شهد بنيان الكعبة ورضيت قريش بحكمه ووضع الحجر الأسود بيده.
ولما أكمل الأربعين ابتعثه الله تعالى برسالته إلى كافة الناس بشيرًا ونذيرًا.
ظهر له جبريل عليه السلام بغار حراء في شهر ربيع الأول وقيل في رمضان بنمط من ديباج فيه خمس آيات من سورة القلم وقال له {اقرأ} ثلاث مرات ويغطه ثم في الثالثة قال {اقرأ باسم ربك الذي خلق} إلى قوله {علم الإنسان ما لم يعلم}.
وكان أول من آمن به زوجه خديجة من النساء وعلي بن أبي طالب من الصبيان وأبو بكر الصديق من الرجال وزيد بن حارثة من الموالي ثم أسلم عثمان بن عفان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص ثم أسلم بعد هؤلاء أبو عبيدة بن الجراح.
وقال جماعة من العلماء إن أبا بكر رضي الله عنه أول الناس إسلامًا.
وأقام صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين وهو يخفي أمره حتى أمره الله تعالى بإظهاره وهاجر المسلمون إلى أرض الحبشة في السنة الخامسة من مبعثه من كثرة أذى الكفار من قريش.
وقدم عليه جن نصيبين فأسلموا وله خمسون سنة.
وماتت خديجة بعد عشر سنين من المبعث وكذا عمه أبو طالب.
وأسرى به إلى بيت المقدس ثم ركب البراق وعرج به إلى السماء ثم ارتفع حتى دنا من ربه فتدلى ورأى ربه جل وعلا وشاهد عجائب الملكوت وفرضت الصلاة في ليلة المعراج.
.الفصل السادس: ذكر هجرته من مكة إلى المدينة صلى الله عليه وسلم.
لما بلغ من العمر ثلاثا وخمسين سنة هاجر إلى المدينة بعد أن وافاه جماعة من الأوس والخزرج وبايعوه وشاع ذكره بالمدينة وذاع ولم يبق بها دار إلا وكان فيها ذكره صلى الله عليه وسلم وترددوا إليه مرة بعد المرة وكرة بعد الكرة ثم بايعوه على الإسلام وعلى نصرته وعلى الحرب.
وكانت هجرته من مكة في نصف النهار من يوم الاثنين لثمان خلون من ربيع الأول ودخلها يوم الاثنين نصف النهار لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع المذكور ونزل بقباء على كلثوم بن الهدم فأقام إلى يوم الجمعة وصلى الجمعة في بني سالم وسار ومعه أبو بكر الصديق وعامر بن فهير مولى أبي بكر وعبد الله بن أريقط حتى بركت ناقته على باب المسجد مسجده اليوم وكان مربدا ليتيمين كانا في حجر معاذ بن عفراء فاشتراه وأخوه معوذ بن عفراء وجعلاه للمسلمين وأقام صلى الله عليه وسلم نازلا على أبي أيوب خالد بن زيد حتى بنى المسجد والمساكن فتحول صلى الله عليه وسلم إلى مساكنه.
ثم لحق به علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان تأخر بمكة لرد ما كان عنده من ودائع الناس.
وأتمت صلاة الحضر بعد شهر وتحولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة في رجب وقيل شعبان بعد سبعة عشر شهرًا.
وفرض الصوم زكاة الفطر بعد سنة من الهجرة وسبعة أشهر.
وبعد أربع سنين حرمت الخمر.
وفي هذه السنة في غزوة ذات الرقاع نزلت صلاة الخوف وقيل في سنة خمس.
وفي السنة السادسة فرض الحج.
وفيها كان الإستسقاء.
وفي سنة سبع وقيل ثمان كان اتخاذ المنبر وكان درجتين وبسطة وزاد فيه معاوية لما ولي ست درجات.
.الفصل السابع: ذكر غزواته وبعوثه صلى الله عليه وسلم.
لم يزل صلى الله عليه وسلم قائما في الله تعالى مجتهدا في نصرة دينه مجاهدا في سبيله ناصرا للإسلام من حين أذن الله تعالى له بمجاهدة الكفار إلى أن فارق الدنيا نحوا من ثلاث وعشرين سنة فكانت جملة غزواته في هذه المدة خمسا وعشرين غزاة وقيل سبعا وعشرين حضر منها وقاتل بنفسه عليه السلام في سبع وهي
غزوة الخندق وبدر وأحد وبني قريظة وبني المصطلق وحنين والطائف.
وقيل قاتل أيضا بوادي القرى والغابة وبني النضير وله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه رضوان الله عليهم في هذه الغزوات ومشاهدها الحكايات النادرة الغريبة العجيبة والأيادي البيضاء بما يطول الشرح في ذكر ذلك وبيانه.
وأما بعوثه وسراياه إلى النواحي والجهات فكانت نحوا من خمسين نصر الله تعالى فيها الإسلام وفتحت فيها الفتوحات وكانت مواقف مشهودة ببركته صلى الله عليه وسلم.
.الفصل الثامن: ذكر حجه وعمره صلى الله عليه وسلم
حج صلى الله عليه وسلم قبل أن يفرض الحج مرتين وبعد أن فرض مرة واحدة وهي التي تعرف بحجة الوداع.
خرج صلى الله عليه وسلم في حجته هذه نهارا بعد أن اغتسل وترجل وأدهن وتطيب فبات بذي الحليفة وقال: «أتاني آت من ربي الليلة فقال صل في هذا الوادي المبارك وقل لبيك عمرة في حجة» فأحرم بهما قارنا ودخل مكة في بكرة الأحد من كداء من الثنية العليا وأتى بجميع أفعال الحج فلما فرغ توجه إلى المدينة الشريفة ومات من عامه ذلك.
وأما عمره صلى الله عليه وسلم فكانت أربع كلها في ذي القعدة.
.الفصل التاسع: ذكر أوصافه صلى الله عليه وسلم.
كان ربع القامة بعيد ما بين المنكبين أزهر اللون مشربا بحمرة يطول الطويل إذا ما شاه وإذا مشى مع القصير ساواه واسع الجبين أزج الحاجبين أبلج أقنى الأنف كثيف اللحية بارز العنفقة سهل الخدين شثن الكفين يبلغ شعره شحمة أذنيه شيبه حول ذقنه مفلج الأسنان شديد سواد الحدقة ظاهر الوضاءة يتلألأ وجهه نورا كالقمر ليلة البدر حسن الخلق معتدله دقيق المسربة شثن القدمين أجمل الناس وأبهاهم وأحسنهم وأحلاهم حلو المنطق أفصح الأنام لسانا وأقواهم جأشا وجنانا.
وكان خاتم النبوة بين كتفيه وفي كيفيته اختلاف:
وجملة القول فيه صلى الله عليه وسلم أنه أكمل العالم وأجمله وأحسنه خلقا وخلقا صلى الله عليه وسلم
.الفصل العاشر: ذكر أسمائه صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عليه وسلم «أنا محمد وأحمد وأنا الماحي وأنا الحاشر وأنا المقفى ونبي التوبة ونبي الرحمة ونبي الملحمة»
واعلم أيدك الله تعالى أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، قال بعض العلماء للنبي صلى الله عليه وسلم ألف اسم ومنها:
طه.
ويس.
والمزمل.
والمدثر.
والسراج المنير.
والبشير.
والنذير .
والداعي.
وعبد الله.
وغير ذلك من الأسماء وله في التوراة أيضا وفي الإنجيل أسماء بالعبرانية والسريانية تدل على شرفه صلى الله عليه وسلم.
.الفصل الحادي عشر: ذكر أخلاقه صلى الله عليه وسلم.
كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن يرضى لرضاه ويغضب لغضبه وكان لا يغضب لنفسه قط ولا ينتقم لها فإن انتهكت حرمات الله تعالى انتقم لله وإذا غضب لم يقم أحد لغضبه.
أسخى الناس وأجودهم ما قال لمن سأله شيئا لا قط.
أصدق الناس لهجة وأوفاهم ذمة وألينهم عريكة وأحلمهم وأكثرهم حياء حافظ الطرف نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء متواضعا رحيما مشفقا عفيفا متفقدا لأصحابه كثير التودد إليهم مكرما لهم يقبل معذرة من اعتذر إليه القوي والضعيف عنده في الحق سواء لا يترفع على أحد من الخلق وكان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر.
وكان صلى الله عليه وسلم يجلس حيث ينتهي به المجلس وكان يعفو ويصفح ويعود المرضى ويشهد الجنائز ويحب المساكين ولا يحقر فقيرا لفقره ولا يهاب ملكا لملكه يعظم النعمة وإن قلت ما عاب طعاما قط
يحفظ الجار ويكرم الضيف.
ويخصف نعله ويرقع ثوبه بيده وركب الفرس والبغل والحمار ولم يكن متكبرا ولا متجبرا يردف خلفه عبده أو غيره.
وكان أكثر جلوسه إلى القبلة يطيل صلاته ويقصر خطبته كثير الإستغفار في آناء الليل والنهار يصوم يوم الاثنين والخميس والأيام البيض ويوم الجمعة غالبا وعاشوراء وكان كثير الصوم في شعبان وصام محرما كاملا تنام عيناه ولا ينام قلبه.
يقبل الهدية ويكافىء عليها.
وكان لا يتأنق في مأكل ولا مشرب قليل الأكل يختار الجوع على الشبع ويعصب على بطنه الحجر من الجوع وآتاه الله تعالى مفاتيح خزائن الأرض وكنوزها وصارت الجبال ذهبا وسألته أن يقبلها فينفقها في سبيل الله فامتنع من ذلك واختار ما عند الله تعالى والدار الآخرة وكان يحقر الدنيا ويعظم الآخرة.
وكان يحب الطيب ويكره الرائحة الخبيثة الكريهة ويحب التيامن في جميع شؤونه.
وكان في سفره لا يفارق الدهن والمكحلة والمرآة والمشط والسواك والمقراض والخيط والإبرة
وكان يمزح في بعض الأحيان ولا يقول إلا حقا.
وله أخلاق حسان لا تعد ولا تحد وبالله المستعان.
.الفصل الثاني عشر: ذكر زوجاته صلى الله عليه وسلم.
مات صلى الله عليه وسلم عن تسع وهو من خصوصياته صلى الله عليه وسلم وهن:
عائشة ابنة أبي بكر الصديق.
وحفصة بنت عمر بن الخطاب.
وسودة بنت زمعة.
وأم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان أخت معاوية.
وأم سلمة هند بنت أبي أمية.
وزينب بنت جحش.
وجويرية بنت الحارث.
وميمونة بنت الحارث.
وصفية بنت حيي.
هؤلاء التسع اللاتي مات عنهن صلى الله عليه وسلم
وأما غيرهن فخديجة رضي الله عنها ماتت قبله.
وتزوج صلى الله عليه وسلم جماعة من النساء غير من ذكرنا فمنهن من مات قبله ومنهن من طلقها ومنهن من عقد عليها وطلقها قبل الدخول ومنهن من خطبها ولم يعقد عليها وهن:
زينب بنت خزيمة وماتت بعد شهرين أو ثلاثة من حين عقد عليها.
وفاطمة بنت الضحاك وخيرها فاختارت الدنيا ففارقها ولم تنل طائلا.
وتزوج شراف أخت دحية الكلبي.
وخولة بنت الهذيل.
وأسماء بنت كعب الجونية.
وعمرة بنت يزيد.
والعالية بنت ظبيان.
ومليكة الليثية وما خطب أربع.
فجملة من خطبها وتزوجها أيضا ثلاث وعشرون امرأة.
.الفصل الثالث عشر: ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم.
قال جماعة من العلماء منهم ابن إسحاق وغيره إن أولاده عليه السلام ثمانية أربعة من الذكور وأربع من البنات فأما الذكور فالقاسم وبه كان يكني عليه السلام والطيب ويسمى عبد الله والطاهر وإبراهيم وأما الإناث فزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة ولا خلاف بين أحد أن جميع أولاده عليه السلام من خديجة رضي الله عنها إلا إبراهيم فانه من مارية القبطية.
فأما الذكور من ولد خديجة رضي الله عنها فماتوا أطفالا قبل مبعثه عليه السلام وقيل غير ذلك وأما إبراهيم فمات في حياته عليه السلام وأما البنات فكلهن لحقن الإسلام.
.الفصل الرابع عشر: ذكر صحابته رضي الله عنهم.
كانوا جماعة كبيرة أختلف في عددهم من عشرين ألف إلى اكثر من ذلك وأجلهم العشرة المشهود لهم بالجنة وهم أبو بكر وهو أفضل هذه الأمة بإجماع أهل السنة والجماعة وعمر وعثمان وعلي وهؤلاء هم الخلفاء الراشدون وأما الستة الأخر فطلحة والزبير وسعد وسعيد وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وكانوا هداة الدين وأئمة الإسلام رضي الله عنهم أجمعين.
.الفصل الخامس عشر: ذكر النجباء من أصحابه صلى الله عليه وسلم.
كانوا اثني عشر نفرا وهم أبو بكر وعمر وعلي وحمزة وجعفر وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وبلال الحبشي رضي الله عنهم.
.الفصل السادس عشر: ذكر كتابه من أصحابه صلى الله عليه وسلم.
كتب له صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة وعامر بن فهيرة وعبد الله بن الأرقم وأبي بن كعب وثابت بن قيس بن الشماس وخالد بن سعيد وعبد الله بن أبي سرح ومعاوية بن أبي سفيان وزيد بن ثابت وحنظلة بن الربيع وشرحبيل بن حسنة رضي الله عنهم.
.الفصل السابع عشر: ضربة الأعناق بين يديه صلى الله عليه وسلم.
وكان جماعة من أصحابه صلى الله عليه وسلم يضربون الأعناق بين يديه وهم علي والزبير والمقداد بن الأسود وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ومحمد بن مسلمة رضي الله عنهم أجمعين.
.الفصل الثامن عشر: ذكر رسله وقصاده إلى الملوك بالنواحي والجهات.
كانوا عشرة من أصحابه صلى الله عليه وسلم وعليهم الرضوان وهم عمرو بن أمية إلى النجاشي ملك الحبشة وحين وافاه بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تناوله بيده ووضعه على عينيه ونزل عن سريره وجلس على الأرض وأجاب إلى الإسلام وأسلم وآوى الصحابة حين هاجروا إليه ومات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في سنة تسع من الهجرة وصلى عليه في يوم موته.
ودحية الكلبي إلى قيصر ملك الروم وهو هرقل فهم بالإسلام فلم يوافقه أصحابه فأمسك خوفا على ملكه
وعبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك الفرس فلم يؤمن به فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عليه حين بلغه أنه مزق كتابه فما أفلح بعدها ومزق الله تعالى ملكه.
وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس ملك الإسكندرية ومصر فقارب الإسلام وبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهدية فيها ألف مثقال من ذهب ومارية القبطية وأختها سيرين وبغلة شهباء وهي الدلدل وثيابا وعسلا وطبيبا وغير ذلك فقبل الجميع ورد الطبيب وقال (نحن أناس لا نأكل كثيرا فلا نحتاج إلى طبيب)
وعمرو بن العاص إلى ملكي عمان فأسلما وسليط بن عمرو العامري إلى هوذة صاحب اليمامة فأكرمه لكنه لم يسلم.
وشجاع بن وهب إلى الحارث الغساني ملك البلقاء فحنق ورمى بالكتاب.
والمهاجر بن أبي أمية إلى الحارث الحميري ملك اليمن والعلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين فأسلم.
وأبو موسى الأشعري إلى اليمن ومعه معاذ بن جبل فأسلم ملوكهم وغالب اهل اليمن من غير قتال وكانت البركة ببلادهم والخير والصلاح.
.الفصل التاسع عشر: ذكر عبيدة وجواريه وخدمه عليه السلام.
كان مواليه نحوا من ثلاثين نفرا ذكورا وقيل أكثر من ذلك ومن الإناث نحوا من عشر.
فأما الذكور فزيد بن حارثة وابنه أسامة وأعتقهما وثوبان وأبوكبشة سليم وأعتقه
وأنسه وأعتقه
وشقران واسمه صالح وأعتقه
ورباح وأعتقه
ويسار وقتله العرنيون
وأبو رافع وهبه له عمه العباس فلما أسلم العباس جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مبشرا بإسلامه فأعتقه وزوجه سلمى من إمائه صلى الله عليه وسلم.
وأبو مويهبة وأعتقه
وفضالة
ورافع وأعتقه
ومدعم
وكركرة
وزيد جد هلال بن يسار
وعبيد
وطهمان
ومأبور القبطي
وواقد
وأبو واقد
وهشام
وأبو ضميرة وأعتقه
وحنين
وأبو عسيب
وأبو عبيد
وسفينة
وأبو هند
وأنجشة الحادي
وأبو لبابة.
وأما الإناث من مواليه:
فبركة
وأم رافع سلمى
وريحانة
ومارية القبطية
وميمونة
ورضوي
وخضرة
.الفصل العشرون: ذكر حرسه وخدامه الأحرار.
اعلم أنه صلى الله عليه وسلم كان له حرس يحرسونه في أسفاره فلما أنزل الله تعالى عليه {والله يعصمك من الناس} قال لمن كان يحرسه «انصرف فإن الله قد عصمني» وترك الحرس من حينئذ
وكان عدتهم ثمانية، وهم:
سعد بن أبي وقاص أحد العشرة رضوان الله عليهم
وسعد بن معاذ
وذكوان بن عبد القيس
والزبير بن العوام
ومحمد بن مسلمة
وعباد بن بشر
وأبو أيوب
وبلال
وأما الخدام فأنس بن مالك
وهند وأسماء
وربيعة بن كعب
وعقبة بن عامر
وعبد الله بن مسعود
وبلال
وسعد
وذو مخمر وكان ابن أخي النجاشي
وأبو ذر الغفاري
وبكير بن شداخ
وجملتهم أحد عشر نفرا
.الفصل الحادي العشرون: ذكر مراكيبه ودوابه صلى الله عليه وسلم.
أما الخيول فقيل عشرة وقيل غير ذلك:
والعشرة منها السكب والمرتجز ولزاز والظرب واللخيب والورد والضرس وملاوح وسبحة وبحر
وأما البغال فثلاثة الدلدل وهي أول بغلة ركبت في الإسلام وفضة وهبها له أبو بكر والأيلية
وكان له حمار يسمى يعفور.
وأما الإبل فمن اللقاح عشرون لقحة.
وكان له ناقة مهرية من نعم بني عقيل بعث إليه بها سعد بن عبادة والقصواء وهي التي خرج صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا وهو راكبها وتسمى العضباء والجدعاء فيما قيل.
وأما الغنم فكان له منها مائة
وكان له شاة حلوب يقال لها غيشة ويختص صلى الله عليه وسلم بشرب لبنها.
وكان له ديك.
ولم يكن له من البقر شيئًا.
وكان بمنزله الهرة.
.الفصل الثاني والعشرون: ذكر سلاحه صلى الله عليه وسلم.
كان له تسعة سيوف منها ذو الفقار والقلعى والبتار والحتف والمخدم والرسوب والقضيب وهو أول سيف تقلد به صلى الله عليه وسلم.
وكان له سيف آخر تركه له والده.
وكان له أربعة أرماح منها المتثني وثلاثة أخر من غنائم بني قينقاع.
وكان له عنزة تحمل بين يديه في العيدين وتنصب حين الصلاة ومحجن قدر الذراع وقضيب يقال له الممشوق.
وكان له مخصرة تسمى العرجون.
وكان له من القسي أربع.
وكان له جعبة للسهام وترس عليه تمثال عقاب وضع يده على العقاب فطمس.
وكان له درعان أصابهما من بني قينقاع يسمى أحدهما السعدية والآخر فضة ودرع يقال له ذات الفضول
وقيل إنه كان عنده درع داود عليه السلام الذي كان عليه يوم قتل جالوت.
وكان له مغفر يقال له السبوغ.
وكان له منطقة من أدم مبشور له ثلاث حلق من فضة وأبزيم وطرف من فضة.
وكان له لواء أبيض.
.الفصل الثالث والعشرون: ذكر ثيابه وأثاثه صلى الله عليه وسلم.
ترك صلى الله عليه وسلم يوم مات جبة يمنية وثوبي حبرة وإزارا عمانيا وثوبين صحاريين وقميصين
وترك خميصة وكساء أبيض وقلانس صغار لاطية عدتها ثلاثا أو أربعا وملحفة مورسة.
وكان له ربعة فيها سواك ومكحلة ومشط ومرآة ومقراض.
وكان له فراش من أدم محشو ليفا.
وكان له قدح به ضبب من فضة وقدح آخر غير هذا وتور من الحجر ومخضب من شبه معد لعجن الحناء والكتم إذا أراد ذلك حين تعتري رأسه صلى الله عليه وسلم حرارة.
وكان له أيضا قدح من زجاج ومغتسل من صفر وصاع لإخراج زكاة الفطر ومد يكال به وقصعة يقال إن القطعة التي بآثار مصر منها وكذا الميل الذي هناك والمخصف وهو الشفاء.
وكان له سرير وقطيفة وخاتم من فضة وقيل من حديد ملوى بفضة مكتوب عليه بالنقش محمد رسول الله
وكان له خفان وكساء أسود وعمامة يقال لها السحاب.
وكان له صلى الله عليه وسلم أثواب معدة ليوم الجمعة ومنشفة يمسح بها من ماء الوضوء ونعال يلبسها في رجله الشريفة وآلة الركوب ما بين سرج وغيره.
.الفصل الرابع والعشرون: ذكر نبذ من معجزاته وخصائصه صلى الله عليه وسلم.
اعلم أن معجزاته صلى الله عليه وسلم كثيرة غزيرة تكاد أن لا تعد ولا تحصر بحد وأجلها وأعلاها القرآن العظيم الحاوي لعلوم الأولين والآخرين مع وجازة ألفاظه وصغر حجمه وغزارة علمه المعجز بفصاحته الفصحاء وببلاغته البلغاء بمعانيه بل وبألفاظه ومبانية، ومنها:
انشقاق القمر.
وكلام الحجر.
ومجيء الشجر.
وكلام البهائم الخرس كالظبي والضب والثعبان والجمل والذراع المسموم.
وأنين الجذع.
واشباع الكثير من قليل الزاد وتكثير القليل.
ونبع الماء من بين الأصابع.
ورد عين قتادة.
وإخباره عن المغيبات فكان ما أخبره كما أخبره بعد مدة مديدة.
وحثي قبضة من تراب في وجوه الأعداء فقتل منهم من أصابه منه وهزم الباقين.
ونسج العنكبوت وبيض الحمام على باب الغار.
وسوخ قوائم فرس سراقة بن مالك في الأرض الجلد حين ركبها وتبعه في الهجرة.
ودر شاة أم معبد من غير أن ينزو عليها فحل.
ودعوته لعمر بن الخطاب قبل إسلامه أن يعز الله تعالى به الإسلام فكان كما دعا.
ولعلي بن أبي طالب أن يذهب الله تعالى عنه الحر والبرد.
وتفله في عينه وهو أرمد وعافيتها لوقتها ولم ترمد فيما بعد.
وتفله في البئر المالحة فحليت.
ودعواته لجماعة من صحابته فكان لهم ما دعا كما دعا.
وسقوط الأصنام يوم فتح مكة بإشارته إليها بقضيب كان بيده وهو يقول: (جاء الحق وزهق الباطل)
ودخول الناس في دينه أفواجا.
ونصرته بالرعب من مسيرة شهر.
وجعل الأرض له مسجدا وطهورا.
والإسراء به إلى منتهى الأوهام ورؤيته الملك العلام عليه أفضل صلى الله عليه وسلم وإذكاء التحيات والإكرام.
وله خصائص ومعجزات أخر تفوق عد قطر المطر وورق الشجر لا تحد ولا تعد ولا تحصر فقل الله أكبر.
.الفصل الخامس والعشرون: ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم.
أعلم أيدك الله أن أعظم مصاب كان في الإسلام هو موته صلى الله عليه وسلم ولهذا دهش جماعة من صحابته فمنهم من حصل عنده حالة تشبه الجنون وغيبوبة العقل كما وقع للسيد عمر رضي الله عنه حتى قال من قال إن محمدا مات علوته بسيفي.
وأما السيد عثمان رضي الله عنه فإنه لما بلغه موته صلى الله عليه وسلم أخرس لسانه.
وأقعد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
مرض صلى الله عليه وسلم لليلتين بقيتا من صفر سنة عشر من الهجرة أو إحدى عشرة فتمرض صلى الله عليه وسلم أربعة عشر يوما ونزل إليه الأمين جبريل عليه السلام يخيره في البقاء بالدنيا أو اللحوق بربه عز وجل فاختار لقاء الله وجمع عليه السلام أصحابه وأخبرهم بأنه خير وأنه اختار ما عند ربه وأوصاهم ولم يأل جهدا في ذلك ومات صلى الله عليه وسلم في الضحوة الكبرى من يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول وقد بلغ من السن فيما هو الأثبت ثلاثا وستين سنة وقيل غير ذلك وحين مات صلى الله عليه وسلم حصل على المسلمين أمر عظيم وثبت السيد أبوبكر وقام في الناس خطيبا وتلا عليهم هذه الآية الشريفة {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات} إلى آخر الآية ثم سكن جأش الصحابة هو وعم النبي صلى الله عليه وسلم العباس رضي الله عنهما ثم أخذوا في الإهتمام بشأن تجهيزه صلى الله عليه وسلم من تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه.
وبينا هم في أثناء ذلك إذ سمعوا صوتا من باب الحجرة وهو لا تغسلوه فإنه طاهر مطهر ثم أعقب صوت آخر وهو يقول اغسلوه أنا الخضر وذاك إبليس ثم أخذ في تعزيتهم فيه فقال إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب هو من حرم الثواب.
.الفصل السادس والعشرون: ذكر تجهيزه ودفنه صلى الله عليه وسلم.
اعلم أنه لما أرادوا غسله حين وضعوه على سريره اختلفوا في هل يغسل في ثيابه أو يجرد عنها وقوى العزم على تجريده كما هي سنة شرعه في الموتى فألقي على من حضر نوم فسمعوا قائلا يقول ولا يرون شخصه ولا يدري من هو اغسلوه في قميصه ففعلوا ذلك.
والذي تولى غسله صلى الله عليه وسلم جماعة وهم علي وعمه العباس وولداه الفضل وقثم ومولياه أسامة وشقران وحضرهم من الأنصار أوس ابن خولي رضي الله عنه.
وأسنده علي إليه ونفضه فلم يخرج منه شيء وفاحت رائحة طيبة فوق رائحة المسك والعنبر وكل رائحة ذكية فامتلأت بها أرجاء المدينة حتى لم يبق بها دار إلا شمت بها هذه الرائحة فقال علي رضي الله عنه صلى الله عليه وسلم طبت حيا وميتا ثم أدرج في ثلاثة أثواب بيض سحولية من غير خياطة.
ثم صلى عليه المسلمون أفرادا من غير إمام ثم أدخل قبره صلى الله عليه وسلم بعد أن حفر له وألحد في بيت عائشة رضي الله عنها وهو الحجرة الآن بالمسجد النبوي.
وفرش تحته في القبر قطيفة حمراء.
ودفن معه بعد ذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.